تاريخ النقابة

عقد المؤتمر التأسيسي للنقابة الوطنية للمهندسين المغاربة يوم السبت 21 أبريل 2007 بالمدرسة الوطنية للصناعة

وفي ظل هذا الجمود والتراجع، فوجئ المهندسون بمبادرات خطيرة استهدفت مصالحهم المادية والمعنوية تمثلت في طرح مشروع النظام الأساسي للوظيفة العمومية الذي أريد من خلاله خلق حواجز عدة امام المهندس. لقد ساهم هذا الحدث/مشروع النظام الأساسي في إذكاء الحضور الهندسي حيث استطاعت جمعيات خريجي وقدماء المعاهد والمدارس العليا تجميع قوتها والوقوف الصارم امام هذه المبادرة. وسيبقى يوم 07 ماي 2006 شاهدا على حركية المهندسين في التصدي لكل محاولة رامية على إبقاء وضعهم مترديا حيث تجمع اكثر من 1500 مهندس ومهندسة للتنديد بذلك المشروع والمطالبة باستثناء فئة المهندسين من قيود هذا النظام الجديد وكدا دعوة الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربةالملحة للنهوض من جديد وتحمل المسؤولية في الدفاع عن حقوق المهندسين والرقي بأوضاعهم نحو الأحسن.لكن ورغمالمحاولات اقتنع مهندسون فاعلون في كل جمعيات معاهد ومدارس المهندسين بالمغرببلاجدوى بعث الاتحاد من جديد،، ودعوا إلى العمل المتواصل والجدي لخلق إطار هندسي يأخذ بزمام المبادرة ويعيد الامل والثقة إلى المهندسين من جديد.

لهذه الأسباب الرئيسة وغيرها تأسست النقابة الوطنية للمهندسين المغاربة كإطار يختلف نوعيا عن الاتحاد كجمعية بالنظر إلى التطور التشريعي الخاص بالجمعيات الذي اصبح يعمل به في المغرب.  وكأي تجربة إصلاحية وتصحيحية، لم تمر هذه التجربة دون مقاومة ودون محاولات التأييس و والاستفزاز الذي شهد ذروته إبان انعقاد المؤتمر التأسيسي.

لقد حضر أشغال المؤتمر 632 مهندس ومهندسة من جميع أنحاء المغرب من أصل 1942 المسجلين بالموقع الإلكتروني )www.ingenieurs.ma ) آنذاك ، الشيء الذي زاد من إصرار المهندسين المغاربة على حقهم الدستوري والقانوني لإخراج هذه المبادرة المستقلةكإطار نقابي وحدوي لجميع المهندسين المغاربة.

ولقد عملت النقابة على تحريك الجمود الهندسي باتخاذها للعديد من المبادرات والانشطة الرامية لإرجاع الثقة لدى المهندسين كان من ثمرات ذلك:

  1. تكوين ملف مطلبي متعلق بالنظام الأساسي للمهندسين ووضعه لدى السلطات الحكومية ذات الصلة بالموضوع حيث يستجيب هذا الملف لطموحات وانتظارات المهندسين المغاربة.

  2. تحريك قضية الهيئة الوطنية للمهندسين وتنظيم لقاءات علمية وتشاورية لتطوير هذا المشروع الواعد.

كما كان من ثمرات عمل النقابة ان استطاعت ان تفرض على ما تبقى من مسؤولي الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة التحرك العاجل والمتوتر لاستعادة الحياة للاتحاد بسبب الضغط الذي مارسه المهندسون قاطبة على هؤلاء وبسبب  نزعة الهيمنة والإقصاء والتصدي للنقابة الجديدة كما عبر عنه بعض أعضاءها المسؤولين في عدة مناسبات.

لقد رسمت النقابة لنفسها خطا مستقلا ومتميزا يؤمن بالتعدد وبالحوار المتحضر كآلية للحسم في العديد من القضايا التي تهم المهندسين، ورفضت بذلك كل محاولة للإقصاء والهيمنة السياسية والتنظيمية على مسار الفعل الهندسي بالمغرب.

المؤتمر الثاني للنقابة والحصار الممنهج:

ومن هذا المنطلق وبناء على ما تقدم، كانت هناك ضرورة لمواصلة الجهود الرامية لعقد المؤتمر الاول وإنجاحه ليشكل حلقة هامة في تاريخ النقابة التي سوف تركز في المرحلة القادمة على القضايا التالية:

  • تفعيل عمل النقابة مركزيا وقطاعيا وجهويا وتطوير اداء المهندسين للدفاع عن حقوقهم والمشاركة الفعالة في جهود التنمية كل من موقعه.

  • تتبع ملف النظام الاساسي بتصميم متواصل حتى يحصل المهندسون على ما ضاع من فرص لتطوير وضعهم المادي والمعنوي.

  • تفعيل مشروع الهيئة الوطنية للمهندسين كصمام امام لتمثيل المهندسين في المستقبل وحماية مصالحهم وتنظيم مهنهم المختلفة.

إن من اهتمامات النقابة أيضا الالتفات إلى موضوع العلاقة بالاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة الذي يضم في هياكله وفضاءاته العديد من مسؤولي ومناضلي النقابة، العلاقة التي تتأسس على الاحترام المتبادل والمهام الواضحة لكل طرف والعمل المشترك بناء على قضايا واجندة يتم ضبطها وتحديدها بدقة تجنبا للخلط ومضيعة الوقت. وفي هذا الإطار، على هياكل الاتحاد ان تعمل من جانبها على إذابة التوهمات والخلافات الوهمية التي تسيطر على عقول البعض والتعامل بإيجابية مع المواقف الرزينة التي تراكمها النقابة منذ تأسيسها.

لقد اختارت النقابة طريق المرونة والواقعية في التعامل مع الآخر ولن يكون إلا مايختاره المهندسون ضدا على محاولات الاستقطاب التي تمارسها اطراف سياسية تتوجس من النقابة لاعتبارات غير ديموقراطية لاسيما الطريقة التي تعاملت بها الحكومة السابقة مع الملف المطلبي المدروس والناضج الذي تقدمت به النقابة، لينم عن نزعة سياسية سلبية لن تفيد في شيء كما انها لن تثني النقابة عن مواصلة نضالاتها وممارسة حقها في التنظيم والمبادرة.

لقد حلمت النقابة بوضع يسمح لها بفرض نفسها في الساحة الهندسية اعتمادا على قيادتها وقواعدها و اسلوبها في العمل، لكن الضغط السياسي الذي مارسته حكومة عباس الفاسي عكر صفو النقابة ودفعها إلى مقاومة هذا الاقصاء الممنهج حيث عمدت الحكومة تحت ضغط النقابة إلى عدم الاعتراف بهذه الاخيرة وفتح الباب على مصراعيه للاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة الذي استأثر بالحوار وبتمثيل المهندسين بطريقة غير ديموقراطية ظهرت نتائجها في الحصيلة غير المرضية التي آل لها الملف المطلبي للمهندسين والمتمركز فقط حولالاصلاح الجزئي والمحدود للقانون الاساسي.

لقد عانت هذه النقابة من هذا الحصار رغم انها ساهمت في الضغط لتغيير النظام الاساسي وكانت السباقة إلى طرح ملف مطلبي متكامل طموح ودقيق في عناصره ومسوغاته.

وفي جانب آخر أضاعت النقابة الوقت والجهد الكبير في سعيها لإذابة الخلافات مع الاتحاد ومحاولة للبحث عن صيغ التعاون و من بينها التنسيق لإنجاح التظاهرات النضالية المتعددة.

وكانت النتيجة أن جاءت نتائج الحوارات والمفاوضات مخيبة لآمال المهندسين لاسيما الشباب منهم الذين لم تخدمهم التغييرات السطحية على النظام الأساسي للمهندسين دون الحديث عن مهندسي القطاع الخاص وعن قضايا الهندسية الوطنية ذات العلاقة بممارسة المهن الهندسية وبقيمة المهندس وبالتكوين الاساسي للمهندسين وغيرها من القضايا المركزية التي تدافع عنها النقابة.

الحكومة الجديدة والامل المفتوح:

لاشك ان لدى النقابة تراكمات ذاتية يمكن ان تساهم في بلورة وعي جديد لدى قياديي النقابة وعموم المهندسين المرتبطين بها. ذلك أن الوضع السياسي الجديد قطع مع الاقصاء الممنهج الذي مورس على النقابة التي استطاعت ان تلج بطريقة سلسة إلى الالتقاء بالمسؤولين الجدد وفي مقدمتهم السيد وزير التجهيز والنقل الذي رحب بالنقابة والتقى بقيادتها بل بدأ في فتح باب الامل لها من خلال تبني إنجاز دراسة في أهم موضوع يشغل النقابة وهو موضوع الهيئة الوطنية.

إن لانعقاد المؤتمر في مركز الندوات والاستقبال دلالة واضحة في القطع مع منطق الاقصاء الذي تعرضت له النقابة منذ تأسيسها. ونتمنى ان يكون هذا الدعم وهذا الانفتاح مستمرا وتصاعديا يجب الاستفادة منه للانطلاق من جديد.

ويمكن تلخيص سمات المرحلة التالية بإيجابياتها وسلبياتها في ما يلي:

  • انفتاح الحقل السياسي في وجه النقابة بعد الهجمة الشرسة التي شنت عليها منذ تأسيسها.

  • حضور إرادة معبر عنها لدى جزء من الوزراء المهندسين لاحتضان مشاريع النقابة (الهيأة، سياسة التكوين الهندسي…)

  • تحدي تراجع قيمة المهندس بعد إغراق السوق بخريجين لم تتوفر لهم شروط التكوين والتدريب الضرورية لممارسة المهن الهندسية.

  • صعوبة إغراء المهندسين بالانخراط في العمل الهندسي الجماعي من خلال النقابة او جمعيات المهندسين الأخرى.

  • انفتاح السوق المغربية على الشركات الاجنبية وما يمثله من فرص من جهة و من تحديات على جهة أخرى.

  • عدم تجديد قيادات النقابة منذ التأسيس مما يطرح تحدي تجاوز العياء والترهل الذي اصاب طاقات هندسية ليست قليلة.